الجزائر : شركاء إسبانيا الأوروبيين يتهافتون على الجزائر



الجزائر : شركاء إسبانيا الأوروبيين يتهافتون على الجزائر

يسعى كبار الاتحاد الأوروبي على غرار إيطاليا وألمانيا، وبدرجة أقل فرنسا، لاستغلال فرصة توتّر العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، ليحلّوا محلّ مدريد، كشريك استراتيجي في مجال توريد الغاز.

جاء هذا في تقرير لصحيفة “إل باييس” الإسبانية بعنوان:”الشركاء المتنافسون الأوروبيون، لسدّ الفجوة التي خلّفتها الأزمة بين إسبانيا والجزائر”.

ففي الوقت الذي تحاول فيه دول أوروبا تحرير نفسها من الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة، فإن الجزائر هي البديل الأقرب.

لكن الأزمة بين الجزائر ومدريد، عقب تحوّل موقف هذه الأخيرة إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء العربية، أحدث فجوة يستعدّ العديد من “الشركاء المتنافسين” في سوق الطاقة لسدّها، تقول الصحيفة.

بالنسبة لإيطاليا.. الجزائر هي الحلّ

ومن بين هذه الدول الشركة والمنافسة في آن معا لإسبانيا، ذكر التقرير إيطاليا التي تعتبر زبون الجزائر الرئيسي في مجال الغاز.

لكن روما تسعى مع ذلك جاهدة لتقليل اعتمادها على روسيا، التي توفّر نحو 40 بالمئة من احتياجاتها السنوية.

وعلى الرغم من أنها توصلت إلى اتفاقيات مع دول أخرى، على غرار الكونغو الديمقراطية وقطر وأنغولا، إلا أن الحلّ الجزائري هو الحل الأكثر جدوى وسرعة وفعالية.

تؤكد إل باييس هذه الحقيقة، مشيرة إلى البنية التحتية المتوفرة في الجزائر، لنقل إمدادات كبيرة من الغاز الطبيعي نحو أوروبا.

فرنسا تراقب الأزمة من مسافة “مدروسة”

كما ذكر تقرير “إل باييس” فرنسا، وقال إنها “تراقب الأزمة بين إسبانيا والجزائر من مسافة مدروسة”.

“فقد تجنّبت باريس الانحياز إلى أي طرف في العلن، واكتفت بالتعبير عن رغبتها في أن تحلّ مدريد والجزائر خلافاتهما من خلال الحوار”.

كما تحدثت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، يوم الإثنين الماضي هاتفيا مع نظيرها الجزائري رمطان لعمامرة، وتناول الطرفان في حديثهما الأزمة مع إسبانيا، حسب إل باييس.

ووفق بيان للخارجية الفرنسية، فقد شدّدت الوزيرة كولونا على تمسك فرنسا العميق بعلاقات جيّدة مع شركائها المتوسطيين وجيرانها على الضفة الجنوبية للبحر”.

ألمانيا زبونا للغاز الجزائري في خلال عامين

أما ألمانيا، فهي لم تكن إلى وقت قريب بين أهمّ زبائن الغاز الجزائري. ومع ذلك، هناك شيء ما يتغير، تقول “إل باييس”.

فقد زارت نائبة وزير الخارجية الألمانية كاتيا كول الجزائر العاصمة هذا الأسبوع، وسط أزمة دبلوماسية بين البلد المغاربي وإسبانيا.

وتتمتع برلين بعلاقات سياسية جيدة مع الجزائر، ومصالح قوية في قطاع الطاقات المتجددة. خاصة قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي تلتزم حكومة الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز بتطويره كمورد طاقوي بديل.

ومع ذلك، تدرك برلين أن الهيدروجين الأخضر ليس بديلاً قصير المدى لاعتمادها على الغاز الروسي، الذي تسعى لتحرير نفسها منه في أسرع وقت ممكن.

ومن هنا أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك في لقاء مع رجال أعمال من بلاده مطلع ماي الماضي، أن ألمانيا ستبدأ استيراد الغاز الجزائري في خلال عامين.

صحيفة إسبانية: القانون الدولي إلى جانب الجزائر في خلافها مع إسبانيا

وفي 16 جوان 2022، ونقلا عن خبراء إسبان في القانون الدولي، أبرزت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية، كيف أنّ القانون الدولي سيكون إلى جانب الجزائر في خلافها السياسي مع مدريد.

فبعد الانتهاكات التي وقعت فيها حكومة سانشيز، على إثر تحوّل موقفها إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فإن ردّ الجزائر كان متوافقا مع ما تقتضيه المواثيق الدولية، يقول الخبراء.

وحسب ما نقلته الصحيفة عن الجمعية الإسبانية لأساتذة القانون الدولي، فإن ما قامت به الحكومة الإسبانية ينطوي على عدّة انتهاكات:

  • تنصّل مدريد من مسؤوليتها الدولية، بصفتها القوة المديرة لإقليم الصحراء الغربية.
  • عدم احترام حقّ الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وفق قرارات الأمم المتحدة.
  • عدم الالتزام بإجراء استفتاء تقرير المصير، بدعمها للطرح المغربي بمنح الحكم الذاتي للصحراويين.
  • تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام المغربي في الأراضي الصحراوية.

“وعندما تنتهك دولة ما معيارا يمثّل جزء هيكليا من القانون الدولي، على غرار حقّ الشعوب في تقرير مصيرها. فإنّ الردّ على هذا الانتهاك يصبح على عاتق كلّ دولة في المجتمع الدولي”.

وهذا ما فعلته الجزائر، تضيف الصحيفة الإسبانية. لأن “الانتهاك الصارخ لحقّ الشعب الصحراوي في تقرير المصير من قبل إسبانيا، يُلزم جميع الدول بمطالبتها بالعودة إلى الشرعية”.

وأوضحت الصحيفة أنّ ما قامت به السلطات الجزائرية من إجراءات ردّا على تغيّر الموقف الإسباني تجاه القضية الصحراوية، يندرج في إطار “التدابير المضادة” التي يتوجّب على جميع الدول اتباعها لحمل الدول المخالفة على احترام المواثيق.

ومن بين هذه “التدابير المضادة”، تحدثت الصحيفة عن إمكانية تعليق الاتفاقات السابقة مع الدولة غير الممتثلة للقانون الدولي.

“وقد تم تنفيذ هذا الحق والواجب من قبل الحكومة الجزائرية، في امتثال صارم للقانون الدولي. باعتبارها ملزمة بالردّ على انتهاك إسبانيا الخطير”.

“وبالنظر إلى أن إسبانيا لم تستجب لمطالب الجزائر بالعودة إلى الشرعية، فإن تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع مدريد هو إجراء مضاد قانوني، بقدر ما هو ضروري ومتوقع”، تضيف مصادر “بوبليكو”.

مسؤول إسباني: أسوأ ما تفعله إسبانيا “الآن” هو استعداء مموّنها الرئيسي بالغاز

وفي 15 جوان 2022، قال مسؤول الاقتصاد والمالية في حكومة مدريد المحلية خافيير هيرنانديز لاسكويتي، إنّ “أسوأ ما يمكن أن تفعله إسبانيا هو استعداء مورّدها الرئيسي للغاز”، مشيرا إلى الجزائر.

وأكّد المسؤول في حديث لقناة محلية: “في الوقت الذي يواجه فيه الغرب بأكمله، أزمة  مع أسعار الطاقة، فإن أسوأ ما يمكن أن تفعله إسبانيا هو استعداء مورّدها الرئيسي للغاز، مثلما فعل بيدرو سانشيز”.

وتابع لاسكويتي:”أعتقد أن هذا القرار غير المسؤول على الإطلاق لحكومة بيدرو سانشيز بالسعي للعداوة مع الجزائر في قضية ذات أهمية قصوى، سيكلّف المواطنين والشركات الكثير”.

وأضاف:”لا يمكن لإسبانيا تغيير موقفها بشأن الصحراء الغربية بين عشية وضحاها، من دون تقديم تفسيرات لذلك”.

مردفا:”وعندما تكون في خضم أزمة إمدادات الغاز، فإن كل ما سيحصل يقع على عاتق الحكومة فقط، لأنهم لم يتشاوروا مع أحد”.

        وزير خارجية إسبانيا السابق: استنجاد سانشيز ببروكسل “خطأ”

وفي 13 جوان 2022، اعتبر وزير خارجية إسبانيا السابق خوسيه ماريا غارسيا مارغايو، أنّ لجوء رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى الاتحاد الأوروبي بعد الإجراءات التي اتخذتها الجزائر ضد مدريد، كان خطأ.

وقال مارغايو في حديث صحفي تناقلته وسائل إعلام محلية:”العلاقات التجارية (مع الجزائر) ستواجه مشكلات كثيرة، والخطوات الأخيرة التي تتخذها الحكومة مثل الذهاب إلى بروكسل، يبدو لي أنها كانت خطأ”.

وذكر الوزير السابق بأن ما نسبته 30 بالمئة من الغاز الذي تستهلكه إسبانيا يأتي من الجزائر. في وقت يرتفع فيه سعر الغاز نتيجة أزمة الحرب في أوكرانيا.

وأضاف يقول:”قدرات الجزائر في مجال الطاقة ستكون هائلة في السنوات القادمة، بالموازاة مع الحدّ من الاعتماد على روسيا”.

كما تحدّث الوزير السابق عن تحمّل سانشيز لمسؤولية تدهور العلاقة بين مدريد والجزائر، مستدلّا بما قاله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وقت سابق بأن:”المشكلة ليست مع إسبانيا، وإنها هي مع سانشيز”.

      مصدر دبلوماسي: الاتحاد الأوروبي لا علاقة له باتفاقية الصداقة بين الجزائر وإسبانيا

وفي 10 جوان 2022، قال مصدر دبلوماسي جزائري إن التصريحات التي أدلى بها المتحدثون الرسميون باسم دائرة العمل الخارجي في الإتحاد الأوروبي، حول قرار الجزائر تعليق العمل بمعاهدة الصداقة مع إسبانيا “غير مناسبة وغير مبررة”.

وأكد المصدر لموقع “الشروق أون لاين”: إن تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون تخص العلاقات الثنائية الجزائرية الاسبانية وهي اتفاقية إسبانية لا تلزم الاتحاد الأوروبي بأي حال من الأحوال.

وأوضح: تنص هذه المعاهدة صراحة على تعزيز الحوار السياسي، وتؤكد على الأهمية الأساسية لاحترام القانون الدولين لكن في هاتين النقطتين الرئيسيتين، فشلت حكومة بيدرو سانشيز في الوفاء بالتزاماتها.

وأضاف: أولاً ، لم تُبلغ الحكومة الجزائرية في أي وقت بنيّة أو قرار تغيير موقف الحكومة الإسبانية جذريًا بشأن مسألة الصحراء الغربية.

وثانيًا ، فيما يتعلق باحترام القانون الدولي، داست حكومة سانشيز القانون الدولي والقانون الأوروبي بتجاهلها رأي محكمة العدل الدولية وأحكام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي حول القضية.

وشدد مصدرنا: فيما يتعلق بهاتين النقطتين الأساسيتين، فقد جعلت الالتزامات التي تعهد بها الطرف الإسباني بموجب هذه المعاهدة بلا معنى. وبالتالي فإن تعليق العمل بها ليس سوى النتيجة المنطقية لهذه التناقضات الخطيرة التي تجعل هذه الحكومة شريكًا غير موثوق به.

ويوم 9 جوان 2022، حث الاتحاد الأوروبي الجزائر على التراجع عن قرار تعليق معاهدة التعاون مع إسبانيا، واصفا القرار بالمقلق.

وقال المتحدث الرئيسي للمفوضية الأوروبية، إريك مامر ، “نناشد الجزائر التراجع عن هذا القرار”.

وأضاف مامر، الخميس، في المؤتمر الصحفي اليومي للمؤسسة أن بروكسل “مستعدة دائمًا وراغبة في تقديم المساعدة لتسهيل ذلك “.

من جهتها قالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن “قرار الجزائر مقلق للغاية”.

وأضافت “ندعو الجزائر إلى إعادة النظر في قرارها” واستئناف الحوار بينها وبين إسبانيا “لتجاوز الخلافات الحالية”. وتابعت “نجري تقييما لتأثير هذا القرار” على المعاهدة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.

وقالت “سنطلب من الطرف الجزائري إلقاء نظرة أخرى على هذا القرار” وحثت الجزائر ومدريد على العمل من خلال القنوات الدبلوماسية لحل الخلاف.

ولم يذكر المتحدثون باسم المفوضية الأوروبية تفاصيل عن الأثر العملي للقرار وأشاروا إلى أن اللجنة التنفيذية للاتحاد تجتمع لتحليل تأثير إلغاء المعاهدة في مجالات مختلفة ، مثل التجارة.

صحيفة إسبانية: قرار سانشيز سيكلّف مدريد خسارة 6 مليار يورو من التجارة مع الجزائر

تأكيد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز على تغيّر موقف بلاده إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، سيكلّف مدريد 6 مليار يورو من المبادلات التجارية مع الجزائر.

وحسب ما نشرته صحيفة “ذ أوبجكتيف” المحلية، فإن هذه الفاتورة لا تشمل مشاريع الطاقة والبنية التحتية، التي تربط الشركات الإسبانية مع الجزائر، وتصل قيمتها بعدّة مليارات أخرى.

وأشارت الصحيفة إلى قرار جمعية البنوك والمؤسسات المالية في الجزائر، بتجميد عمليات الاستيراد والتصدير بين الجزائر وإسبانيا، ابتداء من الخميس 9 جوان الجاري.

وتستورد إسبانيا من الجزائر ما قيمته 2.5 مليار يورو سنويا، مقابل نحو 2 مليار يورو من الصادرات، وفق أرقام رسمية.

لكن هذه المعطيات، لا تمثّل واقع المبادلات التجارية بين البلدين حسب الصحيفة، بالنظر إلى تأثيرات جائحة كورونا.

لذلك، يرى محرّر المقال أنّه من المناسب اعتبار أرقام عام 2019 كمرجع. حيث وصل مجموع المبادلات بين الجزائر وإسبانيا إلى 6.7 مليار يورو.


مصدر: الشروق أونلاين

شاهد أيضا